السبت، 15 فبراير 2014

م الآخر| إلى عزيزي البعيد.. لا أبالي سارة عاشور

عزيزي البعيد:
انفصلنا
لم يتغير طعم القهوة
لم يتغير لون النهار
لم أكره الشتاء
لم أنفر من الشوارع التي مررنا بها
لم أكره اللون الأحمر
لم أكره سهر الليل، حتى ولو وحيدة
لم يتغير طعم الشيكولاتة
لم أكسر الكوب الذي أهديتك شبيهه
لم أنساك..
بل أتناسى
أشرب القهوة بالكوب الذي صار ملازمًا لي، ولا أبالي بأنني أنسج في خيالي الآن صورة يديك وبها الكوب وبها قهوتك، ثم وجهك وهو يحتسيه ويفكر بي ويضحك.
أمر من الشوارع التي سبق ومررنا بها، ولا أبالي بأنني في خيالي أرانا نمر وأرى ابتساماتنا وضحكاتنا ويدي وأنت تدفئها بجيب معطفك، ونظرات الحاسدين والمبتسمين من حولنا.
أعلن حبي للشتاء وللأمطار، وأتناسى حبك أنت أيضًا للشتاء وللأمطار، أقف تحت المطر وأعلن للعالم إنني متحررة من ذكراك، أخبئها داخل معطفي بحرص حتى لا يلمحها أحدهم فيصرخ للحضور أنني كاذبة.
بت أكذب بمهارة فائقة فلا يدري من يراني باللون الأحمر، أمنيتي أن أقفز الآن، بداخل النهر وأتوارى داخله فلا تلاحقني أعين ولا أسمع أصوات، وأبقى أنا وتجاهلي إياك بقاعه وحدنا.
أسهر ليلًا ولا أبالي بصوتك الذي يملئ رأسي وصوت ضحكاتك التي تتعالى حولي، أصم أذناي عن كلمة أحبك وأتجاهلك، وأسهر ليلًا وحيدة وأتجاهل وجودك بالعالم.
أتناساك ولا أبالي، وأتجاهلك وأعيش وأرتدي ابتسامة يُعجب بها الجميع، وأزين عيناي بكحل كثيف يداري آثار بكائي بالأمس وأنا أتجاهلك.
تتواجد بالعالم أنت الآن، بعالمك أنت ولا أحضر فيه أنا ولا يتقاطع عالمانا مرة أخرى، نسير بالكوكب منفردين أحدنا لا يملك الآخر، ونتجاهلها ولا نبالي بكل ما رميناها وكأنه لم يكن.
يدور الكوكب، ولا يبالي بكل الذكريات الموجودة في شقوق جوانبه، يُخفيها العشاق كما يُخفي الأطفال قطع الحلوى عن أعين أمهاتهم، وحين تلتفت عنهم يخرجون منها القليل ليأكلوه سريعًا، ويمسحون آثار وجوده من على أفواههم ثم يمضون يمرحون ولا يبالون.
هذا كوكب لا يبالي بكل من يسكنه.. ولذلك بت أشبهه ولا أبالي.

ليست هناك تعليقات: