كوني بِخير، هذا المساء
وكلَّ مساءٍ قارصٍ قاتِمٍ في غيابي،
فذاكَ كُلُّ ما يعنيني إثرَ رحيليَ الأخيرِ عنكِ،
مكثتُ طويلاً في عُمرك،
وما اعتدتُ أن أكثرُ الحضورَ في مسارحِ الذكريات،
ما اعتدتُ أن أشربَ قهوتكِ مرّتينِ في صُبحٍ واحد،
ما اعتدتُ أن أقبِّلكِ مرّتين على خَدِّ واحِد،
ما اعتدتُ أن أعودَ مرّتينِ مِن الغياب/
ضعي أبهى صوركِ على الجُدران،
واستقبلي الزوّار كيفما تشائينَ،
ورشّي عُريَّ عِطركِ في سراديبِ المدينة،
صيري راقصةً غجريةً واسحري الناظرينَ بكُفرِ عينيكِ،
لمْ يعُد يعنيني،
لم يعُد يعنيني إلّا أن تكوني بِخير،
لم يعُد يعنيني إن أنتِ أسرفتِ في التأويلِ عنّي ودحضِ الأكاذيب
/التي صارت صادقة/ ,
فأنا ما عُدتُ لكِ بعدَ رحيلنا الأخير،
فَكوني بخير،
كوني لئلّا يكونَ التعبُ إنجيلاً يُتلى عليَّ صُبحَ مساء،
كوني بخيرٍ
فأنا ما عُدتُ في غياهِبكِ الداكِنة بخير/
استرجعيني ماضٍ كُنت أختبئ منهُ تحتَ صَدرِك،
والآنَ نسيتُ طعمَ صدرِك!
وتعرَّت أوهاميَ بالدفءِ فيكِ،
وأُسدِلت نوافذُ السماءِ،
وهجرني الملاكُ المتفرُّج لقصّةِ عِشقنا الدافئة،
راحَ يُلملمُ بقايا رسائلنا التي لم تحتَرق بعد،
راحُ يجلِسُ في كلٍّ
/خَلتة/ جمعَتنا وأخفتنا وحرستنا مِن عيونِ الموت،
أحبَبْتُكِ أكثرَ مِن الموتِ بِبضعِ قبور،
فكوني بخيرٍ
، فالموتُ عادَ لعرشهِ،
وأنتِ عودي لِسريركِ،
وكوني بِخير،
لتكونينَ طفلتي الأنصعُ في الغياب،
وليكونَ لكِ في العُمر أملٌ،
يتُّقدُ وينمو إكليلَ زهرٍ وجَمر/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق